- إلى ابنتي ندى أبو إسماعيل في شمال غزة
صغيرتي.. أحبك وأفكر فيك دومًا، أعرف أنك فقدت والدتك وأختك وأخيك في العدوان الصهيوني الهمجي بسبب حقد الصهاينة المسعور، اعتبريني والدتك يا صغيرتي، وما حدث قد حدث، البكاء يخفف الألم، لكن لا تفكري فيما مضى كثيرًا، فكري فقط في الحاضر، أعرف التجويع الذي يفرضه المحتل الصهيوني على الشمال، وأسأل هل تجدين طعامًا؟ كم وجبة تستطيعين الحصول عليها يوميًا ؟ هل تجدين خبزًا؟ حاولي أن تحصلي على وجبة يومية يا حبيبتي لكي تكبري وتصبحي قوية، هل تحصلين على ماء يروي عطشك حبيبتي؟ هل تجدين ماءً تستحمي به؟ النظافة من الإيمان حبيبتي، حاولي أن تستحمي مرة في اليوم وإن لم تستطعي فمرة كل ثلاثة أيام، وفي أسوأ الأحوال مرة في الأسبوع، أعرف أني أثقل عليك بطلباتي، لكن خوفًا عليك من المرض يا حبيبتي.
أحتضنك بكل الحب وأهمس في قلبك: لا تخافي أنا بجانبك وحتمًا كل المعاناة والعذاب والألم سينتهي قريبًا، وستكبرين وتكونين بخير يا صغيرتي.
- إلى نسرين عثمان:
أختي الغالية نسرين.. أعرف معاناتك مع المرض الخبيث منذ أكثر من سنوات عدة، لكن أشعر الآن بمعاناتك تزداد أضعافًا مضاعفة، بسبب بشاعة وهمجية المحتل الصهيوني.. فلا يمكنك الحصول على الدواء، وأنت ما زلت شابة في الثلاثينيات من ريعان شبابك، لكن من يراك الآن يعتقد أنك في الستين يا أختي الغالية، لا تدعي المرض يهزمك وينهش جسدك، لن يهزمك المرض كما لن يهزمك المحتل، إرادتك وقوتك وصلابتك ستهزم، كلا السرطانين، السرطان الداخلي ستشفين منه قريبًا، والسرطان الخارجي سيولي الأدبار بلا رجعة، قاومي ولا تستسلمي يا أختي الحبيبة.
- إلى صديقتي مريم:
عندما أكلمك فإني أكلم نفسي، كفكفي دموعك ولا تحزني ياصديقتي، كلانا يعرف أن ثمن الحرية باهظ، الدماء تسيل شلالات، لكن المقاومة ترفع الرؤوس عاليًا، توحدت كل الفصائل لمقاومة المحتل، هذه الهامات الأسطورية تسطّر الملاحم اليومية في كل بقعة من غزة، أرض البطولات والمعجزات، غزة هاشم، مهد الإمام الشافعي، أرض النبلاء والكرماء، أعرف إنك تفضلين الموت عزة وكرامة على الاستسلام، إن المقاومة الأسطورية تنحني لها الجباه، وهذا الشعب الأبي يسطّر الملاحم، لذلك أرجوك قاومي الألم والحزن والعجز، قاومي اليأس والخوف، وتمردي عليهم جميعًا، عليك الآن أن تضعي هدفًا واحدًا نصب عينيك، ألا وهو أن تقاومي، لكي نكمل المشوار.
- إلى أم غنام خنساء فلسطين:
أعرف حجم معاناتك وألمك الذي لا يُوصف، فلا توجد كلمة تعبر عما تشعرين، فجيعة فقدانك أولادك الخمسة، فلذات كبدك ، ذلك لأنني أم، وأتخيل لو أنهم أولادي، حتمًا سأجُن، لكنهم هم الآن شهداء عند ربهم يرفلون في جنات النعيم، وعسى الله أن يلهمك القوة والصبر والثبات على تحمل الفقد والمصاب، قلوب جميع الأمهات الصالحات معك يا حبيبتي، أيتها المرأة الأم الطاهرة التي أنجبت خيرة الرجال، لك المجد ولأولادك أولادي العليين والخلود.
- إلى حبيبتي شيماء أم الأسرى محمد وهشام وحسام قمحان، من خان يونس.
أعرف الآن أن السهاد رفيق عينيك، وأعرف الألم الذي يعتصر قلبك يا حبيبتي، عندما ترين الأسرى عراة مقيدين من خلاف، معصوبي الأعين، تتخيلين أولادك معهم.
وعندما ترين الأسرى كبش فداء، جرحى عراة تسيل منهم الدماء، ويستخدمهم الصهاينة دروعا بشرية، تتخيلين أولادك معهم.
وعندما تشاهدين أجساد الأسرى النحيلة والهيكل العظمي النافر من الجوع، والوجوه الشاحبة منّ الألم، والأعين المسمولة من التعذيب، تتخيلين أولادك معهم.
حبيبتي أرجو أن ترددي معي، وليردد معنا أولادك العظماء:
"يا دامي العينين والكفين إن الليل زائل، لا غرفة التعذيب باقية ولا زرد السلاسل، نيرون مات ولم تزل روما بعينيها تقاتل".
--------------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام